Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة هود - الآية 83

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ ۖ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83) (هود) mp3
وَقَوْله " مُسَوَّمَة " أَيْ مُعَلَّمَة مَخْتُومَة عَلَيْهَا أَسْمَاء أَصْحَابهَا كُلّ حَجَر مَكْتُوب عَلَيْهِ اِسْم الَّذِي يَنْزِل عَلَيْهِ وَقَالَ قَتَادَة وَعِكْرِمَة " مُسَوَّمَة " مُطَوَّقَة بِهَا نَضْح مِنْ حُمْرَة وَذَكَرُوا أَنَّهَا نَزَلَتْ عَلَى أَهْل الْبَلَد وَعَلَى الْمُتَفَرِّقِينَ فِي الْقُرَى مِمَّا حَوْلهَا فَبَيْنَا أَحَدهمْ يَكُون عِنْد النَّاس يَتَحَدَّث إِذْ جَاءَهُ حَجَر مِنْ السَّمَاء فَسَقَطَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْن النَّاس فَدَمَّرَهُ فَتَتْبَعُهُمْ الْحِجَارَة مِنْ سَائِر الْبِلَاد حَتَّى أَهْلَكَتْهُمْ عَنْ آخِرهمْ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَد وَقَالَ مُجَاهِد : أَخَذَ جِبْرِيل قَوْم لُوط مِنْ سُرُحهمْ وَدُورهمْ حَمَلَهُمْ بِمَوَاشِيهِمْ وَأَمْتِعَتهمْ وَرَفَعَهُمْ حَتَّى سَمِعَ أَهْل السَّمَاء نُبَاح كِلَابهمْ ثُمَّ كَفَأَهَا وَكَانَ حَمَلَهُمْ عَلَى حَوَافِّي جَنَاحه الْأَيْمَن قَالَ : وَلَمَّا قَلَبَهَا كَانَ أَوَّل مَا سَقَطَ مِنْهَا شَرَقَاتهَا . وَقَالَ قَتَادَة : بَلَغَنَا أَنَّ جِبْرِيل أَخَذَ بِعُرْوَةِ الْقَرْيَة الْوُسْطَى ثُمَّ أَلَوَى بِهَا إِلَى جَوّ السَّمَاء حَتَّى سَمِعَ أَهْل السَّمَاء ضَوَاغِي كِلَابهمْ ثُمَّ دَمَّرَ بَعْضهَا عَلَى بَعْض ثُمَّ أَتْبَعَ شُذَّاذ الْقَوْم صَخْرًا قَالَ : وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُمْ كَانُوا أَرْبَع قُرَى فِي كُلّ قَرْيَة مِائَة أَلْف وَفِي رِوَايَة ثَلَاث قُرَى الْكُبْرَى مِنْهَا سَدُوم قَالَ وَبَلَغَنَا أَنَّ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يُشْرِف عَلَى سَدُوم وَيَقُول سَدُوم يَوْم هَالِك . وَفِي رِوَايَة عَنْ قَتَادَة وَغَيْره : بَلَغَنَا أَنَّ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام لَمَّا أَصْبَحَ نَشَرَ جَنَاحه فَانْتَسَفَ بِهَا أَرْضَهُمْ بِمَا فِيهَا مِنْ قُصُورهَا وَدَوَابّهَا وَحِجَارَتهَا وَشَجَرهَا وَجَمِيع مَا فِيهَا فَضَمَّهَا فِي جَنَاحه فَحَوَاهَا وَطَوَاهَا فِي جَوْف جَنَاحه ثُمَّ صَعِدَ بِهَا إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا حَتَّى سَمِعَ سُكَّان السَّمَاء أَصْوَات النَّاس وَالْكِلَاب وَكَانُوا أَرْبَعَة آلَاف أَلْف ثُمَّ قَلَبَهَا فَأَرْسَلَهَا إِلَى الْأَرْض مَنْكُوسَة وَدَمْدَمَ بَعْضهَا عَلَى بَعْض فَجَعَلَ عَالِيهَا سَافِلهَا ثُمَّ أَتْبَعَهَا حِجَارَة مِنْ سِجِّيل . وَقَالَ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ : كَانَتْ قُرَى قَوْم لُوط خَمْس قَرَيَات : سَدُوم وَهِيَ الْعُظْمَى وصعبة وصعود وَغَمْرَة وَدَوْحَاء اِحْتَمَلَهَا جِبْرِيل بِجَنَاحِهِ ثُمَّ صَعِدَ بِهَا حَتَّى إِنَّ أَهْل السَّمَاء الدُّنْيَا لَيَسْمَعُونَ نَابِحَة كِلَابهَا وَأَصْوَات دَجَاجهَا ثُمَّ كَفَأَهَا عَلَى وَجْههَا ثُمَّ أَتْبَعهَا اللَّه بِالْحِجَارَةِ يَقُول اللَّه تَعَالَى " جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَة مِنْ سِجِّيل" فَأَهْلَكَهَا اللَّه وَمَا حَوْلهَا مِنْ الْمُؤْتَفِكَات . وَقَالَ السُّدِّيّ : لَمَّا أَصْبَحَ قَوْم لُوط نَزَلَ جِبْرِيل فَاقْتَلَعَ الْأَرْض مِنْ سَبْع أَرَضِينَ فَحَمَلَهَا حَتَّى بَلَغَ بِهَا السَّمَاء حَتَّى سَمِعَ أَهْل السَّمَاء الدُّنْيَا نُبَاح كِلَابهمْ وَأَصْوَات دُيُوكهمْ ثُمَّ قَلَبَهَا فَقَتَلَهُمْ فَذَلِكَ قَوْله " وَالْمُؤْتَفِكَة أَهْوَى " وَمَنْ لَمْ يَمُتْ حَتَّى سَقَطَ لِلْأَرْضِ أَمْطَرَ اللَّه عَلَيْهِ وَهُوَ تَحْت الْأَرْض الْحِجَارَة وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ شَاذًّا فِي الْأَرْض يَتْبَعهُمْ فِي الْقُرَى فَكَانَ الرَّجُل يَتَحَدَّث فَيَأْتِيه الْحَجَر فَيَقْتُلهُ فَذَلِكَ قَوْله عَزَّ وَجَلَّ " وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ " أَيْ فِي الْقُرَى حِجَارَة مِنْ سِجِّيل هَكَذَا قَالَ السُّدِّيّ وَقَوْله " وَمَا هِيَ مِنْ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ " أَيْ وَمَا هَذِهِ النِّقْمَة مِمَّنْ تَشَبَّهَ بِهِمْ فِي ظُلْمهمْ بِبَعِيدٍ عَنْهُ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيث الْمَرْوِيّ فِي السُّنَن عَنْ اِبْن عَبَّاس مَرْفُوعًا " مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَل عَمَل قَوْم لُوط فَاقْتُلُوا الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ " وَذَهَبَ الْإِمَام الشَّافِعِيّ فِي قَوْل عَنْهُ وَجَمَاعَة مِنْ الْعُلَمَاء إِلَى أَنَّ اللَّائِط يُقْتَل سَوَاء كَانَ مُحْصَنًا أَوْ غَيْر مُحْصَن عَمَلًا بِهَذَا الْحَدِيث وَذَهَبَ الْإِمَام أَبُو حَنِيفَة إِلَى أَنَّهُ يُلْقَى مِنْ شَاهِق وَيُتْبَع بِالْحِجَارَةِ كَمَا فَعَلَ اللَّه بِقَوْمِ لُوط وَاَللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَم بِالصَّوَابِ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • رسائل في العقيدة

    رسائل في العقيدة: قال المؤلف - حفظه الله -: «فإن علم العقيدة أشرف العلوم، وأجلها قدرًا، وإن تعلُّم العقيدة، والدعوة إليها لأهم المهمات، وأوجب الواجبات، فلا صلاح ولا عز ولا فلاح للأفراد والجماعات إلا بفهم العقيدة الصحيحة وتحقيقها .. وهذا الكتاب مشتمل على الرسائل التالية: 1- مختصر عقيدة أهل السنة والجماعة [ المفهوم والخصائص ]. 2- الإيمان بالله. 3- لا إله إلا الله: معناها - أركانها - فضائلها - شروطها. 4- توحيد الربوبية. 5- توحيد الألوهية. 6- توحيد الأسماء والصفات. 7- الإيمان بالملائكة. 8- الإيمان بالكتب. 9- الإيمان بالرسل. 10- خلاصة الإيمان باليوم الآخر. 11- مختصر الإيمان بالقضاء والقدر. 12- مسائل في المحبة والخوف والرجاء. 13- نبذة مختصرة في الشفاعة والشرك والتمائم والتبرك. 14- السحر بين الماضي والحاضر. 15- الطِّيرة. 16- الإيمان: حقيقته وما يتعلق به من مسائل. 17- معالم في الصحبة والآل. 18- الإمامة والخلافة».

    الناشر: موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/355726

    التحميل:

  • وسائل الدعوة إلى الله تعالى في شبكة المعلومات الدولية [ الإنترنت ] وكيفية استخداماتها الدعوية

    وسائل الدعوة إلى الله تعالى في شبكة المعلومات الدولية [ الإنترنت ] وكيفية استخداماتها الدعوية: هذا الكتاب هو الباب الأول من الرسالة التي حصل بها الباحث على درجة الدكتوراه في الدعوة والاحتساب من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/117055

    التحميل:

  • فتياتنا بين التغريب والعفاف

    فتياتنا بين التغريب والعفاف: نلتقي في هذه السطور مع موضوع طالما غفل عنه الكثير، موضوع يمسّ كل فرد في هذه الأمة، فما منَّا إلا وهو بين أم، أو زوج، أو أخت، أو بنت، أو قريبة؛ بل كل مسلمة على هذه الأرض لها من وشائج الصلة ما يجعلها مدار اهتمام المسلم، إنه موضوع أمهات المستقبل ومربيات الليوث القادمة، إنه يتحدَّث عن بناتنا بين العفاف والتغريب.

    الناشر: موقع المسلم http://www.almoslim.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/337578

    التحميل:

  • مفسدات القلوب [ الترف ]

    الترف مفسد للمجتمعات; وموهن للطاقات; ومبدد للأوقات; فهو داء مفجع; ومرض مقلق; ولذا كان لزاماً علينا تناول هذا الموضوع بوضوح; وتجليته للناس; وذلك ببيان حقيقة الترف; وصوره المعاصرة; وبعضاً من أسبابه; وآثاراه على الفرد والمجتمع والأمة; ثم بيان وسائل وطرق معالجة المجتمعات التي استشرى فيها هذا الداء.

    الناشر: موقع الشيخ محمد صالح المنجد www.almunajjid.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/340012

    التحميل:

  • من ثمار الدعوة

    من ثمار الدعوة: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن الدعوة إلى الله - عز وجل - من أجل الطاعات وأعظم القربات، وقد اصطفى الله - عز وجل - للقيام بها صفوة الخلق من الأنبياء والمرسلين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وحتى نقوم بهذا الدين العظيم، وننهض به، ونكون دعاة إليه بالنفس والمال، والجهد، والقلم، والفكر والرأي، وغيرها كثير. أذكر طرفًا من ثمار الدعوة إلى الله - عز وجل -».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/229625

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة